أصدرت منظمة الصحة العالمية في اجتماع جمعيتها العمومية السابع والستون للدول الأعضاء والذي أقيم عام 2014 قرار رقم WHA67.20 والذي يدعو الدول الأعضاء إلى بناء أنظمة رقابية على الأجهزة والمنتجات الطبية لضمان سلامة ومأمونية الأجهزة والمنتجات الطبية التي تدخل الأسواق وأشارت الجمعية العمومية في قرارها لضرورة قيام الدول النامية ببناء أنظمة رقابية على الأجهزة والمنتجات الطبية بهدف “للوقايـة مـن المنتجـات الطبية المتدنية النوعية/ المزورة/ المغشوشة التوسيم/ المغشوشة/ المزيفة ومكافحتها”1، وحث القرار الدول الأعضاء على وضع أنظمة للتصنيع الجيد للأجهزة والمنتجات الطبية، وأنظمة لرقابة السوق، واستقبال بلاغات حوادث الأجهزة والمنتجات الطبية ومن وقتها ارتفع مستوى الوعي لدى دول العالم النامية تجاه ضرورة بناء أنظمة رقابية تدار من قبل متخصصين لرقابة الأجهزة والمنتجات الطبية التي تدخل عبر الحدود من جهة أو التي يتم ابتكارها من قبل المبدعين وتحتاج لمن يتأكد من جودة تصنيعها وسلامتها ومأمونيتها قبل استخدامها على البشر فمن غير المعقول أن تدخل ابتكارات الأجهزة والمنتجات للسوق لتستخدم على البشر قبل أن يكون هناك من يتأكد من سلامتها ومأمونيتها للاستخدام.
سبقت المملكة العربية السعودية الكثير من الدول في المنطقة بل وحتى الجمعية العمومية لمنظمة الصحة العالمية بإنشائها الهيئة العامة للغذاء والدواء من عام 2003م (11 سنة قبل قرار الجمعية العمومية لمنظمة الصحة العالمية) بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (1) وتاريخ 7/1/1424هـ ؛ كهيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية وترتبط مباشره برئيس مجلس الوزراء وتملك سلطات تنفيذية وتشريعيه ورقابية ومن الواضح أن من صاغ ذلك القرار درس الموضوع بعناية ولهذا كانت الأجهزة والمنتجات الطبية منظومة مستقلة تماماً عن منظومة الدواء بخلاف الكثير من الدول التي بنت أنظمتها الرقابية على الدواء فقط وتجاهلت الأجهزة والمنتجات الطبية وبدأت الآن بالاهتمام بها ولكنها اضطرت بالرغم من وجود اختلافات كبيرة بين المنظومتين لأن تضع منظومة رقابة الأجهزة تحت الدواء لعدم وجود أنظمة صادرة من الجهات التشريعية لمراقبة الأجهزة والمنتجات الطبية.
قامت العديد من المنظمات الدولية بنشر أدلة إرشادية لدول العالم لبيان آليات بناء منظومة رقابية للأجهزة والمنتجات الطبية ومن هذه المنظمات، منظمة الصحة العالمية2 ولتجمع دول التجانس الآسيوي3 ومن خلال النظر لتلك الأدلة نجد أن هناك عدة عناصر ينبغي توفرها في المنظومة الرقابية المتكاملة للأجهزة والمنتجات الطبية ومنها:
تعريف الجهاز الطبي
تصنيف مستوى الخطورة للجهاز أو المنتج الطبي
المباديء الأساسية لضمان سلامة وفعالية الأجهزة والمنتجات الطبية
المواصفات القياسية المعتمدة
نظام جودة التصنيع للأجهزة والمنتجات الطبية
متطلبات للمؤسسات الموردة والموزعة للأجهزة والمنتجات الطبية
متطلبات رقابة مابعد التسويق وتتبع الأجهزة بعد دخولها للسوق
متطلبات أخرى وطنية تختلف من دولة لدوله حسب ظروفها الداخلية
يباع الجهاز أو المنتج الطبي في أكثر من دولة من دول العالم في آن واحد ولذا يصبح من الضروري أن تحرص الجهة الرقابية على وضع أنظمة رقابية تتجانس مع بقية دول العالم لأن وجود نظام خاص بدولة ما يختلف عن العالم قد يؤدي بالمصانع لبناء خط انتاج خاص بتلك الدولة مما سيؤثر على سعر وتكلفة المنتج الذي يدخل بتلك الدولة أو قد يؤدي بالمصنع لأن يقرر عدم جدوى تسويق المنتج داخل تلك الدولة لإرتفاع التكلفة والسعر.
تهدف هذه التدوينة إلى تسليط الضوء على المكونات الرئيسية للمنظومة الرقابية على الأجهزة والمنتجات الطبية ليستفيد منها المختصون بمجال الأجهزة والمنتجات الطبية سواء على المستوى الشخصي أو التجاري أو التنظيمي وتبدأ التدوينة بتعريف الجهاز أو المنتج الطبي وتمضي لإيضاح مبادئ تصنيف خطورة الجهاز والمنتج الطبي والمبادئ الأساسية للسلامة والكفاءة للأجهزة والمنتجات الطبية ودور المواصفات القياسية للتحقق منها اضافة لأنظمة جودة التصنيع الجيد ورقابة ما بعد التسويق.
أولاً:تعريف الجهاز الطبي
الهدف من أي تنظيم رقابي هو ضمان سلامة ومأمونية المنتج الذي تتم الرقابة عليه ويشمل التنظيم الرقابي اتخاذ قرارات قد تتضمن سحب المنتج من السوق أو إيقاع غرامة على صاحبه لمخالفته للنظام أو عدم السماح للمنتج بالدخول للسوق وكل هذه قرارات قانونية تحتاج لأن تدرس بعناية وحرص ولذا يصبح لزاما على أي نظام رقابي أن يوضح ما هو المنتج الذي تتم رقابته؟ ما هو الجهاز أو المنتج الطبي الذي يخضع كل من يتعامل به لتنظيمه؟ وحرصا على التجانس مع دول العالم اختارت هيئة الغذاء والدواء السعودية التعريف الذي اعدته المنظمة الدولية للأجهزة الطبية (International Medical Devices Forum) التي تحوي عضوية كلا من (أمريكا، كندا، استراليا، اليابان، الاتحاد الأوروبي، الصين، الهند، البرازيل اضافة لعدد من المنظمات الأخرى)4 وأجرت عليه بعض التعديلات ليتوافق مع الاحتياج المحلي بدون أن يؤثر على تجانسه مع التعريف الدولي:
الجهاز/المنتج الطبي:
(أ) كل آلة أو أداة أو جهاز تطبيق طبي أو جهاز زرع أو كواشف مخبرية ومعايير أو مواد معايرة مخبرية أو مواد طبية مشعة أو برامج ومواد تشغيل للأجهزة والمنتجات الطبية أو أي أداة شبيهة أو ذات علاقة صنعت لتستخدم لوحدها أو مع أجهزة أخرى للإنسان لواحد أو أكثر من الأهداف التالية:
1- تشخيص أو وقاية أو ضبط أو علاج أو تخفيف أو تسكين الأمراض.
2- تشخيص أو ضبط أو علاج أو تخفيف وتسكين الإصابات أو التعويض لتلك الإصابات.
3- الفحص أو الإحلال أو التعديل أو الدعم التشريحي لوظائف أعضاء الجسم.
4- دعم أو تمكين الحياة من الاستمرار (الوظائف الحيوية للإنسان).
5- تنظيم/المساعدة على الحمل.
6- تعقيم الأجهزة الطبية.
7- إعطاء المعلومات لغرض طبي أو تشخيصي عن طريق الفحوصات المخبرية للعينات المأخوذة من جسم الإنسان
(ب) والتي لا يمكن أن تحقق الغرض الفعلي التي صنعت من أجله في أو على جسم الإنسان بواسطة العقار الدوائي أو العامل المناعي أو التحولات الأيضية وإنما تساعد في تحقيق مفاعيلها فقط.
(ج) المواد المشعة الطبية.
بشكل عام، أي منتج يوجد عليه إدعاء طبي يتم من خلال تغييرات فيزيائية بالجسم لا تتضمن تفاعلات كيميائية غالبا سيكون جهازاً طبياً، بمعنى أن الإدعاء المصاحب للمنتج مهم لتحديد إن كان المنتج طبياً أو لا، كما أن آلية تحقيق الادعاء إن كانت فيزيائية فهو جهاز أما إن كانت كيميائية فهي غالباً دواء.
يتضح من التعريف أعلاه بأن الجهاز أو المنتج الطبي يحوي طيفاً واسعاً من المنتجات بدءاً من الشاش والقطن، وأدوات الجراحة، ومروراً بالمحاليل المخبرية، الأجهزة التشخيصية، والركب الصناعية ومنظمات ضربات القلب وحتى أجهزة الرنين المغناطيسي بمعنى أن على النظام الرقابي أن يضع ضوابط ومتطلبات لتسويق ورقابة هذه المنتجات داخل السوق ولكن هل من المعقول أن تكون المتطلبات لترخيص القطن مثلها مثل متطلبات ترخيص جهاز القسطرة أو دعامات القلب؟ هذا ما سيتناوله الفصل القادم الذي سيتحدث عن آليات تصنيف الخطورة للأجهزة والمنتجات الطبية.
ثانياً: آليات تصنيف خطورة الأجهزة والمنتجات الطبية:
يختلف مستوى الخطورة من جهاز لآخر بحسب طريقة استعماله، هل يدخل ضمن تعريف الجهاز الطبي من الأساس أم لا؟ هل يستخدم طاقة كهربائية مترددة؟ أم طاقة كهربائية ثابتة؟ هل يدخل داخل جسم الإنسان؟ هل يستخدم خارجه؟ ولذا تختلف متطلبات ضمان السلامة والمأمونية من جهاز لآخر حسب مستوى خطورته. والسؤال الآن، ما المعايير الممكن استخدامها لتحديد مستوى خطورة الجهاز؟
اقترحت المنظمة الدولية للأجهزة والمنتجات الطبية IMDRF أربعة مستويات لخطورة الجهاز أو المنتج الطبي (منخفض الخطورة، منخفض إلى متوسط الخطورة، متوسط إلى عال الخطورة، عالي الخطورة) ووضعت دليلا إرشاديا يحوي 14 نقطة ينبغي أخذها بعين الاعتبار لتحديد مستوى خطورة الجهاز5. وتعتمد المعايير المقترحة من المنظمة على مكونات الجهاز والهدف من استخدامه وآلية عمله وإن كان يحوي أجزاءا كهربائية أو ميكانيكية أو كيميائية وإن كان يدخل بجسم الإنسان لفترة مؤقتة أو بصفة دائمة، هل هو تشخيصي أم علاجي؟ هل هناك خطر عدوى أم لا؟ وغيرها من الأسئلة التي ينبغي الإجابة عليها بحسب مواصفات الجهاز والهدف منه وآلية عمله ومكوناته وتملك كل دولة حرية تعديل هذه النقاط بما يخدم ظروفها الداخلية وبيئة العمل الصحي وتحدياته فيها.
يمكن الاستئناس أيضا بمباديء تصنيف الخطورة التي يستخدمها الاتحاد الأوروبي في التنظيم الرقابي الخاص بالأجهزة والمنتجات الطبية6.
ثالثاً: المتطلبات الأساسية لسلامة ومأمونية الأجهزة والمنتجات الطبية
تنقسم الأجهزة والمنتجات الطبية إلى أجهزة التشخيص والاختبار والتي عادة ما تستخدم على عينات من جسم الإنسان (خارج جسم الإنسان) أو أجهزة طبية تستخدم على الإنسان وتختلف المتطلبات الأساسية لسلامة ومأمونية الأجهزة والمنتجات الطبية حسب نوع الجهاز كما تختلف قوة البراهين اللازمة للتحقق من توفر متطلبات السلامة والمأمونية للأجهزة والمنتجات الطبية بحسب مستوى خطورة الجهاز.
يتوجب على الجهات الرقابية وضع متطلبات أساسية للسلامة والكفاءة لابد من توافرها في كل جهاز لكي تقبل بتسويقه داخل أراضيها وقد اقترحت المنظمة الدولية للأجهزة الطبية عددا من المتطلبات الأساسية لسلامة وكفاءة الأجهزة والمنتجات الطبية بنوعيها (مختبرات وأجهزة) وهذه مجالاتها الرئيسية وللمزيد من التفاصيل حولها يمكن العودة للوثائق المنشورة على موقع المنظمة:
المتطلبات الأساسية لسلامة وكفاءة الأجهزة والمنتجات الطبية (باستثناء المختبرات)
متطلبات الخواص الفيزيائية، الكيميائية والحيوية
متطلبات منع الميكروبات والعدوى
متطلبات الأجهزة التي تحتوي على أدوية
متطلبات الأجهزة التي تحوي على أجزاء من أصول حيوية
المتطلبات البيئية
متطلبات أجهزة القياس والتشخيص
متطلبات الوقاية من الإشعاع
متطلبات الأجهزة التي بها برامج حاسوبية
متطلبات الأجهزة التي تستخدم مصدر طاقة وملحقاتها
متطلبات الحماية من الاخطار الميكانيكية
متطلبات حماية المريض من المخاطر التي قد تنتج للمستخدم أو المريض من مصادر الطاقة
متطلبات الحماية للمريض من الأخطار الممكنة من استخدام الأجهزة المنزلية من قبل الشخص العادي
متطلبات البطاقة التعريفية وارشادات الاستخدام
متطلبات التقييم السريري
المتطلبات الأساسية لسلامة وكفاءة الأجهزة المخبرية:
متطلبات الخواص الفيزيائية، الكيميائية والحيوية
متطلبات منع الميكروبات والعدوى
متطلبات الأجهزة التي تحوي على أجزاء من أصول حيوية
المتطلبات البيئية
متطلبات أداء الأجهزة
متطلبات الوقاية من الإشعاع
متطلبات الأجهزة التي بها برامج حاسوبية
متطلبات الأجهزة التي تستخدم مصدر طاقة وملحقاتها
متطلبات الحماية من الاخطار الميكانيكية والحرارية
متطلبات الحماية للمريض من الأخطار الممكنة من استخدام الأجهزة المنزلية من قبل الشخص العادي
متطلبات البطاقة التعريفية وارشادات الاستخدام
متطلبات تقييم الأداء والتقييم السريري
يجدر بالذكر بأن المنظمة الدولية للأجهزة الطبية تقترح هذه الأساسيات وتملك كل جهة رقابية الحق إما في تبني الأساسيات كما هي بشكل كامل أو تعديلها قبل تبنيها أو حتى وضع أساسيات أخرى مختلفة تماماً ولكن من المهم بأي حال من الأحوال الحرص على التجانس مع دول العالم لكي لا يصبح النظام الرقابي في دولتك عقبة أمام دخول المنتجات والأجهزة الطبية لداخله.
تبذل المصانع والشركات جهداً كبيراً في إجراء التجارب والاختبارات التي تثبت تحقق هذه المتطلبات في الأجهزة التي ترغب في الحصول على إذن بتسويقها من الجهة الرقابية المعنية والتحدي في هذا الموضوع هو أن المتطلبات عامة ومكتوبة لتشمل الأجهزة بكافة أنواعها ولذا لابد من توفر خبرة كبيرة لدى المصنع لاختيار الاختبارات الكافية لتوفير الاطمئنان الكافي لدى الجهة الرقابية بتحقق المتطلب وأداء تلك الاختبارات بطريقة ومنهجية صحيحة لا انحياز فيها ولابد أيضا للجهة الرقابية أن تملك الخبرة الكافية لتقييم نتائج الاختبارات وآلية اجرائها للتثبت من ادعاءات الشركة.
رابعاً: المواصفات القياسية للتحقق من السلامة والكفاءة:
يتوجب على المصنع اثبات أن الجهاز حقق متطلبات السلامة والكفاءة التي وضعتها الجهة الرقابية باستخدام منهجيات محايدة تتعامل مع الجهاز ومكوناته وتختبرها بشكل كامل ولكن ما الذي يحدد المعيار المطلوب توفره؟ متى يكون الجهاز آمنا ميكانيكيا؟ وكهربائيا؟ لا يوجد شيء آمن 100% فما هي الحدود المقبولة للخطر؟ ما هي أدنى متطلبات الأمان الواجب توافرها بأي جهاز قبل طرحه بالأسواق؟
هنا يأتي دور المواصفات القياسية التي تضعها هيئات المواصفات والمقاييس الدولية من خلال لجان واجتماعات يشارك بها خبراء من كافة دول العالم لتحديد أدنى متطلبات السلامة والمأمونية الواجب توفرها بمنتج معين، ومن تلك المنظمات منظمة الآيزو التي تضع مواصفات للكثير من الأجهزة والمنتجات الطبية من خلال خبراء دوليين يشكلون فرق عمل ولجان من الجهات الرقابية والمستخدمين والمختصين والقطاع الخاص يجتمعون بشكل دوري لاقتراح البنود الواجب توافرها بأي جهاز أو منتج.
تولي الجهات الرقابية والشركات اهتماما كبيراً للمشاركة في هذه اللجان لأن المواصفة القياسية تمكن الجهة الرقابية من إضافة بنود ترى أهمية توافرها لحماية المرضى من الأخطار المحتملة من جهاز معين كما أن اعتماد بند معين بالمواصفة قد يؤدي ببعض الشركات للخروج من السوق لعدم قدرتها على تصميم أجهزة تلتزم بهذا البند أو لارتفاع تكلفة تحقيق ذلك المتطلب وهذا سلاح قد تستخدمه شركة لإخراج منافسيها من السوق عن طريق الضغط لإضافة بند معين بالمواصفة قد لا يكون مرتبطا بتحقيق أدنى مستويات سلامة ومأمونية المنتج ولكن من مصلحة الشركة أن يضاف ذلك البند في المواصفة لتخرج منافستها من السوق، فلو قلنا مثلا بأن اللجنة تناقش مواصفات المأمونية والكفاءة لأجهزة عرض الإشارات الحيوية وتم اعتماد بند معين يقول “لضمان وضوح الرؤية، يجب أن لا يقل حجم شاشات العرض عن 18 بوصة”، فهذا يعني أن على كل المصانع التي تنتج شاشات أقل من 18 بوصة التخلص من مخزونها من هذه الأجهزة وتغيير خط انتاجها ومواصفات التصنيع للاستجابة لهذه المواصفة وتعد هذه خسارة كبيرة للشركة، فينبغي التفكير بجدية هل هذه خسارة مستحقة؟ هل 18 بوصة فعلا هي أدنى حد مقبول لضمان السلامة والمأمونية؟ لو كان كذلك فخسارة الشركة هذه أو تلك لا تعني شيئا لأن سلامة المرضى مقدمة على كل شيء، لكن ماذا لو كان 14 بوصة مواصفة مقبولة؟ هل حجم الشاشة أصلا مهم؟ ألا تستخدم شاشات الجوال والأجهزة الذكية الصغيرة لعرض الإشارات الحيوية؟ يحرص أعضاء لجان المواصفات على دراسة المقترحات والجهة المقدمة لها، هل جاء المقترح من شركة ترغب بطرد منافسيها من السوق؟ ما هي الأدلة المقدمة لدعم المقترح؟ هل المقترح يدخل ضمن (أدنى حد مسموح من السلامة والكفاءة؟) أم يتجاوزه لحدود أعلى ليست من نطاق المواصفة القياسية وإنما هي بنطاق المواصفة الفنية.
تحتاج الشركة الراغبة في الحصول على إذن لتسويق منتجها من الجهة الرقابية لأن تقوم بإجراء كافة الاختبارات التي تضمن تحقق متطلبات السلامة والمأمونية للأجهزة المذكورة أعلاه ويتم ذلك من خلال اختيار مواصفة قياسية معتمدة مرتبطة بالجهاز ومن ثم إجراء الاختبارات التي تثبت التزام الجهاز بكافة البنود المكتوبة في تلك المواصفة القياسية وتقدم نتائج الاختبارات للجهة الرقابية ضمن الملف التقني للمنتج المقدم للجهة الرقابية. تجتهد الجهات الرقابية في إعلان المواصفات القياسية المعتمدة لديها تسهيلا للمصانع ويمكن قراءة قائمة بالمواصفات القياسية المنشورة والمعتمدة في كثير من الجهات الرقابية من خلال قراءة مواصفة الآيزو 16142 والتي تحوي أسماء وأرقام عدد كبير من المواصفات المعتمدة لضمان سلامة ومأمونية الأجهزة والمنتجات الطبية8. ينبغي هنا ملاحظة أن المواصفات القياسية تختلف عن المواصفات الفنية للأجهزة والمنتجات الطبية فالمواصفات القياسية تضمن توفر أدنى حد مقبول للسلامة والكفاءة في الجهاز قبل تسويقه بالأسواق ولا تصلح للمقارنة بين مستوى الكفاءة نفسه بين أكثر من جهاز بينم المواصفات الفنية التي تستخدم في المناقصات هي التي يمكن من خلالها المقارنة بين أداء الأجهزة المصنعة من أكثر من جهة لأداء نفس الغرض.تحتوي المواصفة القياسية على بنود تضمن أدنى حد مقبول لتحقيق متطلبات السلامة والكفاءة وعدم تحقيق الجهاز لأي بند من بنودها لا يمكن قبوله، بينما قد تتوفر أجهزة توفر حدوداً أعلى بكثير من السلامة والكفاءة مما هو مذكور في المواصفة القياسية ويترك هذا الأمر لتحقيق المنافسة بين الشركات في جودة وكفاءة المنتج وهي المسألة التي يتحقق منها المستخدم النهائي من خلال مقارنة المواصفات الفنية (وليست القياسية) للمنتجات المصنعة ويوضع الجدول أدناه بعض الفروقات بين المواصفات القياسية والفنية.
البند
المواصفة القياسية
المواصفة الفنية
مجال المواصفة
أدنى متطلبات السلامة والكفاءة للدخول للسوق
أدنى متطلبات الكفاءة التي تحتاجها المؤسسة الصحية
الجهة التي تضعها
هيئات المواصفات والمقاييس بالدول
المهندسون الطبيون، الأطباء، المالية، التخطيط، التقييم الفني داخل المؤسسة الصحية
الجهة التي تطلبها
الجهة الرقابية
المؤسسة الصحية
وقت الاستخدام
منح إذن لتسويق المنتج من الجهة الرقابية
المناقصات المعلنة من المؤسسات الصحية
خامساً: نظام جودة التصنيع للأجهزة والمنتجات الطبية
تحتاج الجهات الرقابية لأن تتبنى نظاماً لجودة التصنيع للأجهزة والمنتجات الطبية لابد لخطوط الانتاج والتصنيع أن تتقدم بالأدلة والبراهين التي تثبت التزامها به وعادة ما تقوم الجهة الرقابية بإرسال مدققين متخصصين في مجال التصنيع للتدقيق على عمليات التصنيع وخط الانتاج والتأكد من التزامها بمتطلبات جودة التصنيع المعلنة من الجهة الرقابية وعادة ما يحتوي نظام الجودة على عدة عناصر منها:
الالتزام بتطبيق أسس دراسة المخاطر في الأجهزة والمنتجات الطبية (مواصفة الآيزو 14971 كمثال)
الالتزام بمتطلبات التعبئة والبطاقات التعريفية وإرشادات الاستخدام
الالتزام باشتراطات أخرى عامة (الكهرباء، البيئة، التخزين، النقل)
ويمكن قراءة الدليل الإرشادي لنظام الجودة في الأجهزة الطبية الخاص بهيئة الغذاء والدواء والأمريكية كمثال على هذه الأنظمة التي يتوجب على المصنعون الالتزام بها عند التصنيع وترسل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية مدققين معتمدين وبخبرة عالية بمجال التصنيع من أجل التحقق من التزام المصنع بهذه المتطلبات9.
تحتاج الهيئة الرقابية أن تضع الاشتراطات والمتطلبات الواجب توافرها في أي شركة أو مؤسسة ترغب في توريد وتوزيع الأجهزة والمنتجات الطبية وذلك للتأكد من أن المؤسسة تملك الموارد والخبرات اللازمة للتعامل مع الجهاز وتقديم خدمات ما بعد البيع والقدرة على تتبع سلسلة توزيع الجهاز للتعامل مع إنذارات السلامة التي قد ترد على الجهاز بعد دخوله للخدمة، ويمكن قراءة الدليل الإرشادي لنظام جودة توزيع الأجهزة والمنتجات الطبية الذي أعده تجمع التجانس الآسيوي للهيئات الرقابية AHWP كمثال على نظام جودة يمكن للجهة الرقابية أن تتبناه لتطبقه على موزعي الأجهزة والمنتجات الطبية10. وتقوم الجهة الرقابية بتدريب منسوبيها على التدقيق على هذه المتطلبات قبل منح الموردين والموزعين رخصة للتعامل مع الأجهزة والمنتجات الطبية.
سابعاً: متطلبات رقابة مع بعد التسويق وتببع الأجهزة بعد دحولها للسوق والخدمة:
يمر الجهاز باختبارات كثيرة قبل السماح له بالدخول للأسواق والاستخدام على البشر ولكن مهما كانت قوة الدراسات السريرية المقدمة من المصنع فلن تكون كافية لأن تمثل تنوع البشر واختلافهم ولهذا يصبح من الضرورة بمكان متابعة أداء الجهاز وكفاءته بعد دخوله في الخدمة وإجراء أي تعديلات لازمة على تصميمه أو حتى سحبه من الأسواق في حال ظهور مشاكل عند استخدامه على البشر.
تنقسم متطلبات رقابة ما بعد التسويق لقسمين:
متطلبات رقابية استباقية – Proactive وتشمل وضع آلية تقوم الجهات الرقابية من خلالها بمبادرات لدراسة كفاءة وسلامة الأجهزة الموجودة بالسوق إما من خلال اجراء دراسات مسح لما تم نشره في المجلات العلمية عن تجارب الاستخدام لتلك الأجهزة أو من خلال إجراء دراسات اكلينيكية على الأجهزة المستخدمة.
متطلبات رقابية تفاعلية – Reactive وتشمل وضع آليات لاستقبال بلاغات الحوادث وانذارات السلامة الصادرة من المصانع والمستشفيات والموزعين والمستخدمين ومن ثم التعامل معها.
تحتاج الجهة الرقابية لوضع أنظمة تفرض على المصنعين والموردين والموزعين والمستخدمين العناصر التالية:
متابعة أداء الأجهزة والمنتجات الطبية بعد دخولها للأسواق.
الإبلاغ عن حوادث الأجهزة والمنتجات الطبية والعيوب المصنعية والادعاءات الطبية أو الإرشادات الغير صحيحة للجهاز أو المنتج الطبي.
التعامل مع الإجراءات التصحيحية اللازمة لمنع تكرار هذه الحوادث على كل الأجهزة التي تم بيعها من قبل المصنع.
تتبع سلسلة توريد الأجهزة والمنتجات الطبية للقدرة على الوصول للجهاز في حال وجود حاجة لتعديله أو سحبه.
آلية لإجراء اختبارات عشوائية على الأجهزة والمنتجات الطبية بعد دخولها للسوق للتحقق من سلامتها ومأمونيتها.
آلية لطلب إجراء دراسات اكلينيكية على الأجهزة والمنتجات الطبية من قبل المصانع بعد دخولها للسوق.
ويمكن قراءة وثيقة متطلبات الرقابة التي اعدها تجمع التجانس الآسيوي للجهات الرقابية كمثال على هذا الأمر11.
تاسعاً: متطلبات وطنية خاصة:
تملك الجهات الرقابية صلاحية اضافة أي متطلبات أخرى على العناصر السابقة للتعامل مع متطلبات الكهرباء والبيئة وأي تحديات أو ظروف صحية مرتبطة بها، وينبغي عند اضافة المتطلبات التفكير في عملية التجانس وألا تتسبب هذه المتطلبات في أن تضطر المصانع لبناء خط انتاج جديد للتعامل معها لأن هذا قد يؤثر على مستوى توفر المنتج بالبلد.
الخلاصة:
قدمت التدوينة عناصر المنظومة الرقابية الواجب توافرها لرقابة الأجهزة والمنتجات الطبية ولا يفوتني هنا لأن أشير بأن التدوينة مختصرة لحد كبير فهناك تفاصيل دقيقة داخل كل عنصر من هذه العناصر يمكن للمهتمين البحث عن مصادر اضافية للتعمق فيها.
هناك حاجة للمزيد من العناصر للتعامل مع العديد من الحالات الخاصة للأجهزة والمنتجات الطبية مثل الأجهزة المشعة، الأجهزة المدمجة مع الدواء، برامج الحاسب الآلي ذات الإدعاء الطبي، متطلبات البطاقات التعريفية وكتيبات التشغيل، وغيرها ولا يتسع مجال التدوينة للتطرق لنظام شامل للرقابة لتشعبه وتنوعه فالهدف من التدوينة هو الإشارة للعناصر الرئيسية فقط للتوعية ونقل المعرفة.
أرجو أن تساهم هذه التدوينة في تفهم اشتراطات الجهات الرقابية للأجهزة والمنتجات الطبية واتطلع لمساهمة الخبراء والمختصين لإثراء التدوينة واضافة ما ينقصها من معلومات لتعم الفائدة على أكبر قدر من الناس.
دكتوراة هندسة كهربائية طبية وأسعى للتميز في البحوث التطبيقية وبراءات الاختراع وتوطين التقنية بمجالي ومهتم بدعم الإبداع والموهبة وأساليب التعليم الفعالة وبناء قيادات المستقبل
4 Comments
بارك الله فيك وزادك من العلم
المقاله رائعه ومفيده جدا وكنت اتمنى ان تتبنى مصر ذلك بل قد سعيت الى ذلك ولم افلح
بالمناسبه انا اتشرف اننى قد حضرت مراحل انشاء sfda من خلال عملى كمشرف للاجهره الطبيه بمستفى التخصصى جده
بارك الله فيك وزادك من العلم
المقاله رائعه ومفيده جدا وكنت اتمنى ان تتبنى مصر ذلك بل قد سعيت الى ذلك ولم افلح
بالمناسبه انا اتشرف اننى قد حضرت مراحل انشاء sfda من خلال عملى كمشرف للاجهره الطبيه بمستفى التخصصى جده
شكرا لمرورك وتعليقك
إن شاء الله مصر في الطريق لبناء نظام رقابي خاص بالأجهزة
ررررررررررائع
شكرا