بعد سنة من العودة من أمريكا: أخي الخريج كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه حولك

هذه مقالة كتبتها لاخوتي واخواتي الخريجين الذين احتفلت الملحقية الثقافية السعودية بواشنطن بهم على شرف معالي وزير التعليم العالي ومعالي السفير السعودي وسعادة الملحق الثقافي بواشنطن يوم السبت 5 يونيو 2010 وقد سبق وأن كنت ممن ساهم في تنظيم حفل التخرج السابق وخرج لي مقال في تلك المناسبة بصحيفة الرياض

مقالة العام الماضي 2009 في صحيفة الرياض بعنوان خواطر خريج:

http://www.alriyadh.com/2009/07/04/article442225.html

مقالة هذا العام

بعد سنة من العودة من أمريكا: أخي الخريج كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه حولك

نشر في صحيفة الرياض الجمعة 11 يونيو 2010

http://www.alriyadh.com/2010/06/11/article533843.html

د. نزيه العثماني*

تابعت عناوين الصحف المحلية وهي تتحدث عن حفل تخريج الدفعة الثالثة من برنامج الابتعاث لخادم الحرمين الشريفين والذي اقيم يوم السبت الماضي في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية ويالها من أيام تجري سريعاً فقد كان لي شرف المشاركة في حفل تخريج الدفعة السابقة كخريج أولا وعضو في لجنة التنظيم الخاصة بالحفل ثانيا. خالجتني مشاعر كثيرة وأنا اتذكر ما كان يدور في خاطري خلال جلوسي على مقعد الخريجين قبل سنة من الآن، واحببت أن ادون تجربتي مع الافكار وتطورها من لحظات التخرج إلى يومنا هذا بعد سنة في أرض الوطن.

التخرج كان نهاية وبداية في نفس الوقت فهو نهاية المرحلة الدراسية وبداية للمرحلة العملية ومن الطبيعي أن يكون هناك تخوف كبير من هذا التحول. فمن ابرز هموم المرحلة العملية هي مسألة المستقبل المجهول بخلاف الحال في المرحلة الدراسية التي يكمن النجاح فيها في جد الطالب واجتهاده واجتياز للامتحانات الموسمية. هذا الاختلاف بين المرحلتين يسبب حنينا للمرحلة الدراسية وبساطة طريقة المعيشة خلالها سيشعر به كل من تخرج وبدأ مرحلته العملية. الحياة الدراسية بالرغم من معاناتها لا تزال واضحة المعالم من حيث التحصيل العلمي، أما المرحلة العملية فالمسألة مختلفة حيث يبدأ الخريج رحلة البحث عن مستقر ومكان يحقق فيه طموحاته وهي مسؤولية شخصية تحتم على صاحبها اختيار افضل الخيارات المتاحة. وهنا تبرز نقطتان مهمتان للغاية في هذا المجال أولاها أهمية أن يملك الخريج نظرة مستقبلية لما يريد أن يكون عليه حتى يتمكن من اختيار ما يتناسب مع قدراته ويساهم في تحقيق طموحاته المستقبلية فالفعالية والنجاح تكمنان في أن يتوفق الشخص في اختيار ما لا ينبغي عليه أن يقوم به وليس العكس.

قد يتساءل البعض من الخريجين عن ماهية هذه الخيارات ويستغرب قولي هذا لأن لديه نظرة سوداوية تجاه الفرص المتوفرة في المجتمع فالمثبطون يتحدثون ويتكلمون في كل اتجاه ولكني وبعد سنة من العودة من الولايات المتحدة أقول لهم بأني أقر بأن هناك صعوبات تنموية في بلادنا وأننا بحاجة للتطوير في مجالات عديدة لكن هناك عمل جاد فعلا لمواجهة هذه الصعوبات وتحقيق التنمية في كافة المجالات العلمية والتقنية والمعرفية ولهذا فالفرص المتاحة للخريج أو الخريجة الراغبين في الانتاج بأرض الوطن كثيرة جدا ولكني اعتقد أن البحث عن الفرص المناسية يحتاج لنظرة ايجابية يؤمن الخريج من خلالها بأهمية وضع لبنة في بناء الوطن ومستقبله تحصد ثمرتها الأجيال القادمة، فالتنمية السريعة التي تمر بلادنا تحتاج لكوادر ذات خبرات وقدرات للمساهمة فيها وهذا يتطلب أن يعمل كل خريج وخريجة على أن يكونوا جزءا من هذا العمل الجاد من خلال تحديد رؤيتهم لمستقبلهم والتعرف على مواطن الابداع في داخلهم. هذه النظرة ستسهل لهم عملية البحث عن الفرص واختيارما يتلائم معها وأود هنا أن أشير لأن العمل المنظم الدؤوب الذي شاهدته في وطننا بعد عودتي إليه اكبر بكثير مما كنت اتصوره اثناء دراستي في الولايات المتحدة.

تذكر كتب القيادة وطرق التفكير العملي بأن نظرتنا للمجتمع من حولنا هي انعكاس لافكارنا ولما هو في داخلنا وليست انعكاسا للوضع الحقيقي للمجتمع ولذا اعتقد أن من سيركز في نظرته على ارقام البطالة والاشاعات التي لا تعرف صحتها من عدمها سيصبح شخصا سلبيا لا هم له إلا البكاء على اطلال الحياة الدراسية في أمريكا لكن من سيركز على مشاريع التنمية والخيارات الكثيرة المتاحة في شتى المجالات ويحاول من خلال هذا التركيز تنمية قدراته ومهاراته بما يتلاءم معها سيصبح شخصا ايجابيا يصنف تحت من يوقد الشموع في الظلام بدلا من أن يلعنه. سلوكيات كل شخص في النهاية هي انعكاس لطريقة تفكيره ونظرته للأمور ولذا أقول لاخوتي واخواتي الخريجات ألف مبروك على التخرج وبداية طريق الحياة العملية، طال انتظار الوطن لكم ولخبراتكم التي اكتسبتموها اثناء الدراسة فليفكر كل منكم عما يمكن تقديمه للوطن وليكن هو التغيير الذي يريد أن يراه في العالم فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

*استاذ مساعد بقسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات (تخصص طبية حيوية)

جامعة الملك عبدالعزيز بجدة

الطالب الدولي المميز لجامعة بتسبرج بولاية بنسلفانيا للعام 2008

عضو سابق في لجنة الدعم والمساندة للأندية الطلابية في الملحقية الثقافية بواشنطن

About نزيه العثماني 104 Articles
دكتوراة هندسة كهربائية طبية وأسعى للتميز في البحوث التطبيقية وبراءات الاختراع وتوطين التقنية بمجالي ومهتم بدعم الإبداع والموهبة وأساليب التعليم الفعالة وبناء قيادات المستقبل

5 Comments

  1. كتب احدهم تعليقا على هذا المقال في موقع آخر ونظرا لأن التعليق شدني احببت أن اضيفه مع الموضوع

    ذكر “البطاله موجودة وهي مو مجرد نظرة سوداويه هي مشكلة في المجتمع و لازم الوزارات المعنية تلاقي لها حل , اعرف ناس رجعو و ما توظفوا و بعضهم لقو وظايف مؤهلاتها دبلوم او ثانوي ,,
    يمكن انت تكتب من خلال تجربتك الشخصية مو بالضروره تنطبق على الكل “

  2. اجبت على ذلك التعليق بالتالي

    اتفق معك بأن البطالة موجودة وحقيقية سواء عندنا أو عند غيرنا لكن لا توجد مصادر موثقة يمكن من خلالها التعرف على مقدارها، وحتى إن وجدت فما فائدة أن يركز الخريج على تلك الأرقام (واتحدث هنا على المستوى الشخصي)؟ ليترك الخريج ارقام البطالة وحديث البطالة للمتخصصين في التعامل مع هذا الأمر.

    توجد بطالة وتوجد شركات وجهات ترغب في توظيف الجادين الراغبين في العمل ولذا فالطريقة الفعالة للتعامل مع الواقع هي في أن يحصر الخريج نفسه في البحث عن تلك الجهات بدلا من أن يحصر نفسه في دائرة هؤلاء الذين يتحدثون عن البطالة وفي النهاية سلوك كل شخص سيعتمد على الدائرة التي يضع نفسه فيها.

    دائرة المتحدثين عن البطالة سينتج عنها سلوك سلبي يضع صاحبه في حالة احباط مستمرة ستمنعه من مشاهدة الفرص التي تتوفر له أما دائرة المتحدثين عن الفرص وعن المجالات المختلفة فسينتج عنها سلوك ايجابي سيمكن صاحبه من مشاهدة الفرص العديدة الموجودة أمامه.

    • بحثت عن تعريف البطالة وشدني التعريف التالي للعاطل عن العمل: العاطل هو كل قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ولكن دون جدوى.

      أعتقد أن من كان لديه القدرة والرغبة في العمل فهو سيجده، لا أتحدث عن قانون الجذب وما إلى ذلك، ولكني أتحدث عن الشغف. إذا كنت تريد أن تعمل فإنك ستبحث حتى تنقطع أنفاسك، أو أنك ستخلق عَمَلًا لنفسك، وأظن -شخصيًا- أن هذا هو الخيار الصحيح. إن خَلق العمل ليس بالأمر السهل اليسير، ولكن البطالة أيضًا ليست سهلة، والدراسة كذلك. عندما تقرر أن تكرِّس كل حياتك للدراسة وتغترب لأجلها فمن المفترض أنك تعرف مصاعبها وعواقبها، واحتمالية عدم وجود وظيفة هي أحد هذه العواقب أو المصاعب التي قد تواجه أي شخص. لكن كم من المصاعب واجهت في حياتك الدراسية؟ وكم منها تخطيت؟ الأمر ليس بهيّن، ولكنه مقدور عليه بإذن الله.

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.